التعليم المدمج
Blended Learning
مقدمه
يمثل التعليم الدعامة الأساسية في تقدم الشعوب والأمم، لذلك تسعى الأمم
لتطوير تعليمها، وبالنظر إلى التعليم بشكل عام نجد أنه يعتمد في الكثير من مراحله
على التعليم التقليدي والذي يقع العبء الأكبر فيه على المعلم، ودور المتعلم سلبي
إلى حد كبير، لذا تسعى الكثير من المؤسسات إلى تطوير التعليم بإيجاد طرق جديدة
للتعليم تهدف إلى أن يكون المتعلم فيه نشطاً وإيجابياً، وأن يكون المعلم موجهاً
ومرشداً.
لذا ظهرت الكثير من المستحدثات
التكنولوجية في الفترة الأخيرة، الهدف منها هو جعل المتعلم هو محور العملية
التعليمة بدلاً من المعلم، والتركيز على استراتيجيات التعلم النشط والتعلم
التعاوني، ومن هذه المستحدثات التعليم الإلكتروني ويقصد به بصفة عامة
"استخدام التكنولوجيا بجميع أنواعها في إيصال المعلومة للمتعلم بأقل وقت وجهد
وأكبر فائدة، وقد يكون هذا التعلم تعلماً فورياً متزامناً Synchronous
وقد يكون غير متزامن Asynchronous، داخل الفصل المدرسي أو خارجه"( حسن الباتع
محمد، السيد عبد المولى السيد، 22:2009).
وعلى الرغم من العديد من المميزات والإيجابيات للتعليم الإلكتروني، إلا أن
البعض يرى أنه يوجد قصور في بعض الجوانب التي لم يستطع التعليم
الإلكتروني التغلب عليها، ومن هنا كانت الحاجة إلى مدخل جديد يجمع بين مميزات كل
من التعليم التقليدي والتعليم الإلكتروني والتغلب على جوانب القصور في كل منهما،
فظهر ما يسمى بالتعليم المدمج والذي يعني دمج كل من التعليم التقليدي بأشكاله
المختلفة والتعليم الإلكتروني بأنماطه المتنوعة ليزيد من فاعلية الموقف التعليمي
وفرص التفاعل الاجتماعي وغيرها.
ماهية التعليم المدمج:
تعددت تعريفات التعلــــــيم المدمج وذلك باختلاف الرؤية له، فيعرفه الغريب
زاهر إسماعيل (2009) بأنه توظيف المستحدثات التكنولوجية في الدمج بين الأهداف
والمحتوى ومصادر وأنشطة التعلم وطرق توصيل المعلومات من خلال أسلوبي التعلم وجهاً
لوجه والتعليم الإلكتروني لإحداث التفاعل بين عضو هيئة التدريس بكونه معلم ومرشد
للطلاب من خلال المستحدثات التي لا يشترط أن تكون أدوات إلكترونية محددة.
ويعرفه محمد عطية خميس (
2003) بأنه نظام متكامل يهدف إلى مساعدة المتعلم خلال كل مرحلة من مراحل تعلمه،
ويقوم على الدمج بين التعليم التقليدي والتعليم الإلكتروني بأشكاله المختلفة داخل
قاعات الدراسة.
كما يعرفه Alekse, et al(2004)
بأنه ذلك النوع من التعليم الذي تستخدم خلاله مجموعة فعالة من وسائل التقديم
المتعددة وطرق التدريس وأنماط التعلم والتي تسهل عملية التعلم، ويبنى على أساس
الدمج بين الأساليب التقليدية التي يلتقي فيها الطلاب وجهاً لوجه Face – to - face
وبين أساليب التعليم الإلكتروني E-learning.
وببساطة شديدة يعرف اسماعيل محمد حسن (2010)
التعليم المدمج على أنه طريقة للتعليم تهدف إلى مساعدة المتعلم على تحقيق مخرجات
التعلم المستهدفة، وذلك من خلال الدمج بين أشكال التعليم التقليدية وبين التعليم
الإلكتروني بأنماطه داخل قاعات الدراسة وخارجها.
إذاً هو نمط جديد من أنماط التعليم التي يمتزج
فيها التعليم الصفي التقليدي مع التعليم الإلكتروني في إطار واحد، حيث توظف أدوات
التعليم الإلكتروني ، ويلتقي المعلم مع تلاميذه وجها لوجه في الوقت ذاته في معظم
الأحيان وفق متطلبات الموقف التعليمي بهدف تحقيق وتحسين الأهداف التعليمية.
مسميات التعليم المدمج :
- التعليم المزيج .
-
التعليم الخليط او المختلط .
- التعليم المتمازج .
- التعليم المؤلف .
مميزات التعليم المدمج :
·
قدرة الطلاب علي التعلم وممارسة الأنشطة في المنزل أو
المدرسة .
·
وتقليل وقت التعلم وتكلفته , وذلك بالاستخدام الكفء لوقت
الفصل الدراسي ، والتغلب على مشكلة الوقت الضائع في الفصل الدراسي من خلال
المناقشة الإلكترونية وطرح الأسئلة بين الطلاب والمعلمين .
·
تقديم فصول غير رسمية وهي ما يطلق عليه الفصول
الافتراضية .
·
تحقيق المرونة
في استخدام الجدول الدراسي .
·
إمداد الطلاب بالمقررات الإثرائية بما يناسب احتياجاتهم .
·
كما يتميز أداء الطلاب بالسرعة في مقابل استخدام التعلم
الإلكتروني بمفرده أوالتعليم التقليدي بمفرده .
·
يشجع الطلاب على العمل بشكل تعاوني من خلال العمل في
مجموعات ؛ مما يؤدي إلي تقبل آراء الآخرين ، وفي الوقت ذاته يشجع الطلاب علي
التفكير الناقد والتفكير الإبتكاري.
كما أظهر تطبيق التعلم
المزيج واستخدامه في التعليم الجامعي ، سواء كان بحوث ودراسات فردية ، أو تجارب
لعدد من الجامعات في دول مختلفة نجاحه ؛ والذي أُرجع لتمتعه بمجموعة من الميزات ،
فقد أظهرت نتائج تطبيق التعلم المزيج في كلية الاتصال بفلوريدا تمتع هذا النمط
بمجموعة من المميزات ، منها : توفيره
لوقت كامل وكافي للمعلم لقيامه بالشرح ومهامه التدريسية ، وكذلك للطالب لفهم المقرر المعرفي ، كذلك ساعد
استخدام التعلم المزيج علي إجراء المناقشات ، وتنمية الاستقرائية والإستنتاجية لدى
الطلاب ، كما قلل من مرات وأوقات تواجد الطلاب داخل الحرم الجامعي ؛ ومن ثم تقليل
التكلفة المادية الخاصة بالمواصلات للوصول إلى الكلية ، وتواجد عدد قليل من
السيارات في الانتظار على مدار اليوم ، واستخدام أفضل لمساحات الفصل الدراسي الفارغة
(Hijazi,and others ,2006)
، بينما كشف استخدام التعلم المزيج في الجامعة الماليزية عن مجموعة من المميزات،
منها : تحسين جودة ونوعية التعلم المُقَدم
للطلاب ، ومقدرته علي إرضاء رغبات الطلاب المختلفة وتحقيها (أنور علي ، 2008) .
متطلبات التعليم المدمج :
أولاً : المتطلبات
التقنية : وتشمل عدد من المتطلبات ، تمثلت في توفير كل من : مقرر إلكتروني ، ونظام
لإدارة التعلم ونظام لإدارة المحتوي ،
وبرامج تقييم إلكترونية ، ومواقع للتحاور الإلكتروني مع الخبراء والمتخصصين في
المجال ، والأجهزة والبرمجيات اللازمة لهذا النمط من التعلم ، إضافة إلي تحديد
مواقع يمكن الاتصال بها ، وكذلك توفير فصول افتراضية بجانب الفصول التقليدية ،
واستخدامها وفقاً للاستراتيجية التعليمية المُقترحة .
ثانياً : المتطلبات البشرية : وهي متطلبات تتعلق
بالمعلم والطالب ، أما ما يخص المعلم ، فيجب أن يكون لديه المقدرة علي : التدريس
التقليدي مصحوباً بالتطبيق العملي باستخدام الحاسب ، والبحث عن ما هو جديد عبر
الإنترنت مدفوعاً برغبته في تجديد معلوماته وإثرائها ، وكذلك تمتعه بقدر من
المهارات تمكنه من التعامل مع البرامج المختلفة لتصميم المقررات ، فضلاً عن مقدرته
علي استخدام البريد الإلكتروني في الاتصال مع الطلاب ، إضافة إلي مقدرته علي حث
الطلاب علي المشاركة بفاعلية سواء في الفصل التقليدي أو الفصل الافتراضي ، وتمتعه
بالحد الأدني من المهارات التي تمكنه من أن يحول كل مايقوم بشرحه من صورته
الجامده الى واقع حى يثير انتباه الطلاب ، مستخدماً في ذلك الوسائط المتعدده والفائقة المُقدمة من خلال شبكة
الإنترنت ، وإذا تناولنا المتطلبات البشرية المتعلقة بالطالب ، فيمكننا تلخيص أهم
هذه المتطلبات في : ضرورة أن يشعر الطالب بأنه مشارك في العملية التعليمية ، وأن
مشاركته مهمة في نجاح التعلم ، وأن يمتلك الحد الأدني من المهارات التي تمكنه من
التعامل بنجاح مع الانترنت بجميع خدماته ، ولاسيما خدمة البريد الإلكتروني ،
والبحث عن المعلومات والمحادثة عبر الشبكة .
أبعاد التعليم المدمج :
وتجدر الإشارة إلي أن التعلم المدمج له أبعاد مختلفة ، حددها بدر الخان
(2005) في ثمانية أبعاد ، وهي :
- البُعد المؤسسي : ويسهم في التخطيط
لبرنامج التعلم ، من خلال طرح الأسئلة المتعلقة باستعداد المؤسسة والبنية الأساسية
.
- البُعد التربوي : ويتعلق ببنية المحتوي الذي ينبغي أن يُقدم للطلاب
وفقاً لعملية تحليل المحتوي ، واحتياجات الطلاب ، وأهداف التعلم ، وهو بذلك يوجه
سير الأحداث إنطلاقاً من قائمة الأهداف التي يضعها ، والتي تحدد إختيار أفضل طرق
التقديم المناسبة .
- البُعد التقني : ويهتم بتصميم بيئة
التعلم ، والأدوات والتقنيات المستخدمة في تقديم برنامج التعلم ، فضلاً عن اهتمامه
بأمن الشبكات ، والأجهزة والبرمجيات المختلفة .
- بُعد تصميم الواجهة : يشترط أن تسمح الواجهة
بدرجة كافية لدمج عناصر التعلم المزيج المختلفة ، وكذلك يجب أن يسمح برنامج
التعليم للطلاب باستيعاب كل من التعلم الإلكتروني والتعلم التقليدي وبصورة متساوية
.
-
بُعد التقويم
: ويركز علي تقويم كل من فاعلية البرنامج وأداء الطلاب .
- بُعد الإدارة : ويهتم بإدارة البرنامج
، مثل البنية الأساسية لتقديم البرنامج بطرق متعددة تتنوع بين عناصر التعلم
الإلكتروني والتعلم التقليدي .
-
بُعد دعم الموارد :
ويهتم بتوفير وتنظيم أشكال متعددة من الموارد للطلاب سواء كانت مباشرة أو غير
مباشرة.
- البُعد الأخلاقي :
ويحرص هذا البُعد علي تكافؤ الفرص ، والتنوع الثقافي ، والهوية الوطنية
وغيرها ، كذلك يجب أن يُصمم البرنامج بأسلوب يتجنب ضيق أو إزعاج أي طالب ، وفي
الوقت ذاته يقدم خيارات متعددة للطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة .
مشكلات التعليم المدمج :
للتعلم المدمج مشكلات
عدة نأتي على أهمها:
· عدم النظر بجدية إلى
موضوع التعلم المدمج باعتباره استراتيجية جديدة تسعى لتطوير العملية
التعليمية التعلمية.
· صعوبة التحول من طريقة
التعلم التقليدية التي تقوم على المحاضرة بالنسبة للمدرس،
واستذكار المعلومات بالنسبة للطلبة إلى طريقة تعلم حديثة.
· مشكلة اللغة: فغالبية
البرامج والأدوات وضعت باللغة الانكليزية، وهذا ما يوجد عائقاً
أمام الطلبة للتعامل معها بسهولة ويسر.
· المعيقات المادية: كنقص الحواسب والبرمجيات والشبكات ،
وارتفاع أسعارها نوعاً ما.
· المعيقات البشرية. كعدم
توفر الأطر المؤهلة والخدمات الفنية في المختبرات، وغياب برامج
التأهيل والتدريب للطلبة بصورة عامة.
· المنهاج أو المادة
الدراسية: والتي ما تزال مطبوعة ورقياً، لذا ينبغي تحويلها إلى ملفات
الكترونية يسهل التعامل معها.
· عدم وجود الكفاءة بين
أجهزة الطلبة التي يتدربون عليها في منازلهم.
· صعوبات التقويم ونظام
المراقبة والتصحيح والغياب.
الخلاصة
يعد التعليم المدمج إستراتيجية جديدة تجمع بين الطريقة التقليدية
في التعلم والاستفادة القصوى من تطبيقات تكنولوجيا
المعلومات الحديثة لتصميم
مواقف تعليمية تمزج بين التدريس داخل الصفوف الدراسية والتدريس عبر الانترنت.
وتتميز بالعديد من الفوائد تتمثل في اختصار الوقت والجهد والتكلفة، إضافة إلى
إمكانية تحسين المستوى العام للتحصيل الدراسي، ومساعدة المدرس والطالب في توفير بيئة
تعليمية جذابة في أي مكان وزمان ودون حرمانهم من العلاقات الاجتماعية فيما بينهم
أو مع مدرسيهم.
المراجع
1-
القباني , نجوان حامد بحث
بعنوان " تحديات استخدام التعلم المزيج في التعليم الجامعي لدي أعضاء هيئة
التدريس ومعاونيهم بكليات جامعة الاسكندرية " , جامعة لاسكندريه – كلية التربية .
2-
العبدالكريم , مشاعل عبدالعزيز (1428) "
واقع استخدام التعليم الالكتروني في مدارس المملكة الأهلية بمدينة الرياض " .
جامعة الملك سعود – كلية التربية .
3-
جاد , هاني أبو الفتوح (2012)
" توظيف تكنولوجيا التعليم المدمج في التعليم الجامعي" تم استعراضه على
الرابط : http://drhany1972.blogspot.com/2012/01/blog-post.html بتاريخ 9/12/2012
4-
حسن , اسماعيل محمد (2010)
"التعليم المدمج" مجلة التعليم الالكتروني . تم استعراضه على الرابط : http://emag.mans.edu.eg/index.php?page=news&task=show&id=48&sessionID=14 بتاريخ 7/12/2012